تمثل الأمهات لإعاقة أطفالهن |
إن كل ما يتعلق بالطفل المتأخر مقترن بالفشل وحاملا له، فهذا الطفل كما تقول إحدى الأمهات "لن يعرف شيئا". وهذا التصور الذي تحمله الأمهات يتثبت في هوية المتأخر. فولادته أتت لتعرقل التوازن الوظيفي للوالدين("كنت جميلة وأنيقة وأعتني كثيرا بمظهري أما الأن فلم يبقى أي شيء من هذا") حيث تظهر صورة سلبية عن الذات في مواجهة مع الأخرين أو مع النفس. وتتمظهر هذه الصورة السلبية في الإحباط والضعف وعدم القدرة على الإحساس بالذنب.
إن تمثلات الأمهات لإعاقة أطفالهن متنوعة ولكنها متقاربة. ومن هذه التمثلات: " لا يعرف القراءة ولا الكتابة"، " لا يعرف شيء"، "مجنون" و "ليس معاقا".
وغالبا ما ترتبط هذه التمثلات بسبب الإعاقة، خصوصا عندما تمس الاعاقة الجانب الظاهر من الشخصية والمتمثل في الجسد، إذ أن أمهات المصابين بالتثلث الصبغي 21 يستسلمن لواقع أن أطفالهن لا يعرفون شيئا، فهن لن يستطعن مداراة فشلهن الظاهر للعيان. فهذا في حين أن أمهات المتأخرين الأخرين يستطعن مداراة فشلهن المتمثل في أطفالهن المعاقين باعتبار تأخر أطفالهن تأخرا في القراءة والكتابة فقط. وهذا العنصر قد لا يشكل في حد ذاته أي تنقيص من شخصية الأم، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار مجتمعنا الذي تصل فيه نسبة الأمية إلى نسب مرتفعة مما يساعد على تقبل الأمر. وقد يعود ميل الأم إلى هذا التفسير إلى كونها تجد فيه أيضا تبريرا لتواجد طفلها في مؤسسة لرعاية المعاقين ذهنيا. ويصل الأمر ببعض الأمهات إلى نفي الإعاقة الذهنية كلما خفت حدتها.
وهذه التمثلات سواء تلك التي تعترف بالإعاقة أو التي لا تعترف بها لا تأخذ بعين الاعتبار حدود المتأخر الذهني وإمكانياته، فالمرض والجهل والجنون وعدم القدرة تؤدي إلى تثبيت المعاق في وضعية الفاشل والحامل للفشل. وهذا سيؤدي بالمتأخر الذهني إلى تبني قوالب محددة تؤثر على مجموع حياته. فالطفل في مواجهة هذه التمثلات ونماذج السلوك التي تنضوي تحت محور واحد، "الحماية المفرطة"، يتبنى مواقف الانطواء والعجز.
وبخصوص مكانة الشخص المعاق داخل أسرته فهو يحتل المكانة الأولى داخل الأسرة، وهو مفضل على إخوته، ولا يرفض له طلب، وذلك الاعتقاد الأمهات بأن ذلك يعوضه عن النقص الذي يعاني منه. كما أن الاهتمام المفرط بالطفل المعاق من قبل الوالدين يكون نتيجة اعتقاد الآباء بأنهم يحمونه لكي لا يتألم، وهذا الاهتمام يكون عادة على حساب الإخوة الأخرين. ومن شأن هذا الاهتمام الخاص أن يستغله المعاق لتلبية حاجياته والتملص من المسؤوليات حتى الخفيفة منها، وهذا الاهتمام المفرط قد يكون أيضا سببا لكي لا يرغب الطفل في أن يكبر.