recent
أخبار ساخنة

العوامل المسببة للسلوكات الضد اجتماعية

العوامل المسببة للسلوكات الضد اجتماعية
العوامل المسببة للسلوكات الضد اجتماعية

لقد تم الحديث لمدة طويلة من قبل الأخصائين عن اضطرابات السلوك باعتبارها ذات طبيعة فطرية. وعلى الرغم من عدم تقبل ورفض هذا الطرح من قبل العديد من الأخصائيين إلا أن الدراسات الحديثة في علم الوراثة عادة وأثبتت أن الجينات تساهم بصورة كبيرة في تشكيل هذا السلوك، ومع ذلك يرى الأخصائيون أن هذا الدليل لا يعني أن السلوك الذي تشكله الجينات في وقت مبكر من عمر الإنسان غير قابل للتعديل أو التغيير. 
فالعوامل الوراثية يمكنها أن تتفاعل دائما مع متغيرات البيئة، لتشكيل السلوك الإنساني. وهذا يعني أن عدوانية الأطفال التي تكون في أساسها نتيجة خصائص وراثية يمكنها أن تتحسن وتتعدل مع التقدم في العمر بتفاعلها مع مؤثرات بيئة محيطة بالطفل يمكنها أن تطور سلوكا مقبولا في وقت لاحق. وهو ما يدل على دور عاملي الوراثة والبيئة وتداخلهما لتشكيل السلوك العدواني.



وعلى ضوء هذه الحقيقة ، يؤكد الأخصائيون أهمية التعامل مع السلوك ضد اجتماعي عند الأطفال بحظر شديد لأن علاج أعراض هذا السلوك بشكل غير موضوعي أو مقابلته بسلوك مماثل قد يؤدي إلى تعزيزه، حيث تستمر الميول ضد اجتماعية عند الطفل لتشكل ملامح شخصيته في المستقبل. 
أما المحللون النفسيون، فقد جددوا دراستهم لهذه الاضطرابات وذلك بالتأكيد على معناها الرمزي وعلاقتها بالاضطرابات الوجدانية في الطفولة المبكرة حيث تربط  عالمة النفس الألمانية "فريدلندر"  kate.friedlandr  ما تسميه بالسلوك ضد اجتماعي بالتجارب المبكرة غير المشبعة المتسمة بتناوب غير منسجم بين الإشباعات والإحباطات المختلفة، الأمر الذي يمنع الأنا من الانتظام حول "مبدأ الواقع".
أما الطبيب والمحلل النفسي البريطاني "جون بولبي" وفي دراسته لأربع وأربعين سارقا ومقارنتهم بعينة ضابطة، بينة دراسته تأثير الانفصال المبكر عن الأم.
فيما يفسر  "دونالد وينيكوت" وهو طبيب أطفال بريطاني "1896-1971" عمل على تحليل العلاقة بين الوليد والأم، السلوكات ضد اجتماعية باعتبارها رد فعل للطفل اتجاه اخفاق وفشل وعجز مبكر للوسط الذي تمثله في البداية الأم، وبعد ذلك المجتمع ككل والذي ستتوجَه له هذه السلوكات لتصبح ضد اجتماعية.



يذهب وينيكوت إلى خد القول بأن بعض الأطفال يتميزون بطريقة خاصة مزعجة ومثيرة لطلب العون، تتمثل خصوصا في سلوكات "السرقة، الكذب، العنف، والهروب". وهي تمظهرات لما يسميه وينيكوت بالميل إلى السلوك غير المقبول اجتماعيا. إلا أن هذا التفسير لا يحظى بالكثير من القبول خصوصا وأن هذه الأعراض تزعج المحيط لدرجة لا تحتمل. وفي هذا السياق، يرى "وينيكوت" أن أسباب ميل الفرد إلى السلوكات ضد اجتماعية ترجع إلى الطفولة المبكرة نتيجة الحرمان الذي يعاني منه في هذه المرحلة، فالطفل في هذه الحالة يحس بأنه ضحية وعليه استرجاع حقوقه الأساسية التي سلبت منه. لذلك فالفرد يثور في كبره ليرجع حقا سلب منه في الصغر. إن الطفل الذي يسرق قد يتصرف بهذه الطريقة لأنه يؤمن بأنه يرجع حقا سلب منه ( حنانا،حبا،اهتماما...) فما يسرقه الأن، يرمز ويعوض بداخله الحنان المفقود.
 يرى "وينيكوت" أن هذه الميولات الضد اجتماعية تلاحظ عند غالبية الأطفال، فهي صعوبة وجدانية واستقبالها من قبل أسرة الطفل هو الذي يعززها لتصبح أحيانا اضطرابا أو على العكس يتم تجاوزها من قبل الطفل. من هنا يتضح لنا أهمية الطفولة في النمو السليم الذي من أساسياته ملائمة الوسط من خصائص واحتياجات الطفل وذلك من خلال العلاقة أم-طفل. فالرضيع بأمس الحاجة إلى وسط ملائم ومؤَمن يراعي حاجاته الأساسية. وبهذه الخطوة المهمة سلط "وينيكوت" الضوء على الدور الذي يلعبه الحرمان الوجداني في السنوات الأولى من عمر الطفل باعتباره أصل الاضطراب الذي قد يتمظهر في مرحلة المراهقة، وهنا يتم الحديث عن الميول ضد اجتماعية التي لا تعتبر جنوحاً.
google-playkhamsatmostaqltradent